الموضوع قد يحتوي علي بعض الالفاظ او الجمل التي قد تخدش حياء البعض (مش اوي يعني) او بمعني اصح تؤذي مشاعرهم نظرا لان المجني عليه كانت تحكي الحادث الاليم
جاءت إلي مكتبي علي غير موعد.. فتاة لم تكمل أعوامها العشرين بعد.. ملامح مصرية صميمة.. شعر أسود مرسل علي الجبهة وعلي الأكتاف.. تحسبها أختك أو زميلتك في الجامعة.. عيون سوداء ترسل نظرات تحمل ألف معني ومعني.. كأنها طلقات رصاص حي.. بادرتني قبل أن أرحب بها بقولها: أنا واحدة من الفتيات اللاتي تحرش بهن الشباب في شارع جامعة الدول العربية ثاني أيام العيد!
قلت لها قبل أن أجلس إلي مكتبي: ياه.. دي الشرطة بتدور عليك!
قالت في هلع: ليه.. أنا المجني عليها مش المتهمة.. يروحوا يمسكوا العيال الديابة اللي طايحين في الشوارع.. واللي مبرشم واللي طهقان من عيشته.. واللي بيفش غله في بنات الناس الغلبانين اللي خرجوا يشموا هوا واللا ياكلوا حاجة واللا يشتروا حاجة في ليلة عيد.. يقوم يكون نصيبهم التحرش السافر والعلني والجماعي في وسط الشارع والناس رايحة وجاية.. ومحدش قادر عليهم ومافيش عسكري واحد يوحد الله يوقفهم عند حدهم بصغاره واللا حتي بعصاية!
قلت لها: اهدي كده.. وقولي لي انت تلميذة؟
قالت: كل اللي قاعدة قدامك ده تلميذة لسه.. أنا طالبة في كلية الآداب وقسم عربي كمان.. واسمي سناء.. لو كنت عايز..
قلت: سناء إيه؟
قالت: لحد كده كفاية.. لا أنا عاوزة صورتي في جرايد ولا اسمي عشان أهلي لحد النهاردة ميعرفوش إن أنا واحدة من البنات اللي داسوا علي شرفها وتحرشوا بكل حتة في جسمها أنا والبنات التانيين..
قلت لها: تعرفيهم؟
قالت: ولا شفتهم قبل كده.. أنا كنت لوحدي مستنية واحدة صاحبتي زميلتي في الكلية عشان نتسوق في المهندسين في العيد.. لسه يادوب واقفة علي محطة الأوتوبيس.. لقيت الفيضان.. فيضان الشباب الصايع الضايع زي التتار بيجروا ورا بنت غلبانة زيي كده.. شدوا الـ تي شيرت بتاعها قطعوه وبان السوتيان بتاعها وهي بتصرخ وبتجري في كل حتة.. قاموا شافوني اتلموا علي أنا كمان.. وهما بيصرخوا: وليمة ياللا.. وليمة.. ياللا ناكل هم هم هم.. كأنهم من بلاد نمنم كما كنا نشاهد في روايات ألف ليلة وليلة.. حاجة كدة زي كابوس.. زي حلم مزعج.. زي فيلم من أفلام الرعب.. ربنا ما يوريك..
يسيل خط من الدموع فوق وجنتيها.. أقدم لها علبة مناديل.. أضعها أمامها علي يد الكنبة السوداء التي تجلس عليها.. تجفف دموعها بواحد منها دون صوت.
أوقظها بسؤال كالصاعقة: طيب ما هو الأولاد دول حيعملوا إيه.. وأنتم يا بنات ويا ستات لابسين حاجة كدة من غير هدوم.. وماشيين كده تتقصعوا يمين وشمال.. في دعوة صريحة منكن للمعاكسة والمغازلة وما خفي كان أعظم!
تقف منتفضة من مقعدها كمن لدغها عقرب يتيم الأبوين وهي تقول: أهو أنا قدامك أهو.. آخر حشمة.. فستان طويل تحت الركبة بكثير بأكمام طويلة.. ووجه من غير مكياج, ولا رميل في العينين, ولا أحمر قوطة علي الشفايف.. بذمتك وإيمانك دي حد يعاكسها في الشارع.. يقلعوها الفستان قدام الخلق ويشدوه يقطعوه..
ويخلوني عريانة بالقميص الجواني ونص الفستان المهربد المقطع!
قلت لها: والبنات التانيين.. كانوا زيك كده.. آخر حشمة وتحشم.
قالت: ماليش دعوة بحد غيري.. البنات والستات تلبس اللي هي عاوزاه.. لكن هل هذا مبرر للشباب الضايع الصايع انهم يتحرشوا بيهم.. وعاوزين ياكلوهم أكل.. وقدام الناس.. وفي الشارع وماحدش عارف يكسر سمهم!
أسألها: وانت عملت إيه؟
قالت: رمونا علي الأرض أنا وثلاث بنات زيي كده ماعرفهمش.. وركبوا فوقنا.. أي والله ركبوا فوقنا وهما بيصرخوا وليمة.. هم هم هم!
فيه ثلاث ستات محجبات هجموا علي العيال وخلصونا من إيديهم.. ونالهم برضه من الحب جانب!
أسألها: يعني إيه يا ست سناء؟
قالت: يعني برضه قرصة.. غمزة.. قفشة.. كده.. ما أنت عارف كل حاجة!
أسألها: ومافيش شرطة تحميكم؟
قالت: صلي علي النبي.. دول الظاهر كانوا بيعيدوا واللا بيوقفوا المرور عشان واحد عظيم يعدي!
أسألها: وانت مين خلصك من بين أنياب الذئاب؟
قالت: واحدة ست.. خد بالك واحدة ست مش واحد راجل.. الظاهر ما بقاش فيه رجالة في الزمن ده..
قلت لها: ما يجيبها إلا ستاتها!
قالت: واحدة ست كبيرة شوية لابسة أسود من فوقها لتحتها.. شدتني من علي الأرض.. وقومتني وهي بتضرب بإيديها ورجليها في العيال الصيع وخرجتني بالعافية من وسطيهم وأنا آخر بهدلة.. وركبتني تاكسي وادتني ورقة بخمسة جنيهات.. بعد ما ضاعت شنطتي وفيها كل حاجة.. البطاقة وكارنيه الجامعة وكيس الفلوس فيه العيدية وفلوس المشتريات والموبايل كمان.. وقالت للسواق: دي بنتي روحها.. وأنا أخدت نمرتك والسواق كان شهم.. وماخدش أجرة التوصيل!
أسألها: قالولك إيه في البيت لما شافوكي كده مقطعة وتقريبا من غير هدوم؟
قالت: أنا برضه فكرت في الحكاية دي.. رحت عديت في السكة علي واحدة صاحبتي.. طلبت من البواب يندهلها تنزلي.. نزلت وصرخت لما شافتني.. القصد خدت حاجة من عندها.. وروحت ما نطقتش أي كلمة.. وأي حكاية برضه تتحكي.. دي حكاية عاوزة مندبة وطابور ندابات من نوع أم جلجل الندابة.. يعيطوا ويلطموا علي شباب مصر.. واللي جرالهم وبنات مصر واللي بيحصل لهم!
قامت منتفضة من مكانها.. لملمت حاجاتها.. وقالت لي: سلام بقي.. وسلم لي علي الشباب اللي موش لاقي حد يلمه.. كفاية عليهم أفلام البورنو والكليبات العريانة اللي بيصوروها في غرف النوم.. وسلم لي علي العولمة.. وسلام مربع لرجال الشرطة.. كتر خيرهم جم بعد ما شطبوا علي البنات قدام الناس.. عملوا معاهم كل حاجة.. ناقص بس.. واللا بلاش الكلام القبيح ده!
قلت لها: لكن الشرطة عاوزاكي.. والنيابة كمان عشان ياخدوا أقوالك بصفتك مجني عليها مش متهمة!
قالت: مجني عليها.. متهمة.. أنا ما أروحش أقسام ولا نيابة.. انت عاوزني أتفضح أكثر ما اتفضحت.. انت ناسي إن أنا بنت جامعية ولي أهل واخوات وعيلة كبيرة متلتلة.. كفاية فضايح وحياتك!
قلت لها: لكن انت قلت إن اسمك سناء وطالبة في كلية الآداب قسم عربي.. ممكن لو هما عاوزين.. يجيبوك!
قالت قبل أن تغلق باب حجرتي من الخارج وتمضي لحال سبيلها: انت عارف فيه كام سناء في كلية الآداب؟
أسألها: كام؟
قالت:113 واحدة.. يبقوا يدوروا بقي!
عادت لتفتح الباب وتطل برأسها من جديد وهي تقول بخبث البنات هذه المرة: وممكن كمان يا صاحبي يكون اسمي مش سناء!
ومازلنا مع هذا الحديث
يتبع>>>
..............
..............